روائع مختارة | روضة الدعاة | المرأة الداعية | أم المساكين...زينب بنت جحش

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > المرأة الداعية > أم المساكين...زينب بنت جحش


  أم المساكين...زينب بنت جحش
     عدد مرات المشاهدة: 3284        عدد مرات الإرسال: 0

هي زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، أُمُّها أميمة بنت عبد المطلب عمَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخوها عبد الله بن جحش.. أحد السابقين للإسلام، وقائد سريَّة نخلة، وقد إستشهد في غزوة أُحُد، ودُفن هو وخاله حمزة بن عبد المطلب في قبر واحد.

وقد نشأت السيدة زينب بنت جحش في بيت شرف ونسب وحسب.

وكانت من الأوائل السابقات في دخول الإسلام، وقد كانت تحمل قلبا نقيا مخلصا لله ورسوله، فأخلصت في إسلامها، وتحملت أذى قريش وتعذيبها، إلى أن هاجرت إلى المدينة المنورة مع إخوانها المهاجرين.

إســتجابة لأمر الله:

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على زينب بنت جحش رضي الله عنها ليخطبها لزيد بن حارثة، فقالت: لستُ بناكحته، فقال رسول الله: «بَلْ فَانْكِحِيهِ»، قالت: يا رسول الله، أؤامر في نفسي؟ فبينما هما يتحدَّثان، أنزل الله تعالى قوله على رسوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا} [الأحزاب: 36]، فقالت رضي الله عنها: رضيتَه لي يا رسول الله منكحا؟ قال رسول الله: «نعم»، قالت: إذن لا أعصي رسول الله، قد أنكحته نفسي -انظر فتح القدير.

ولكن الحياة لم تسر على وجهها المطلوب بين زيد بن حارثة وبين السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها، فجاء زيد للنبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يُطلِّق زينب، لكن النبي يرده، ويقول له: «اتَّقِ اللهَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ»، فأنزل الله تعالى قوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب:37]. فالله تعالى قد أخبر نبيَّه أن زينب بنت جحش ستكون زوجةً من زوجاته، لكن النبي خاف المنافقين وأقوالهم، لأن زيدًا ابنٌ للنبي بالتبنِّي، لكن الله تعالى أخرج ما كان في صدر النبي، ليكون زواجه من السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها ذات حكمة تشريعية عظيمة، وهي إسقاط التبني.

من فوق سـبع سـماوات:

وبعد طلاق السيدة زينب من زيد بن حارثة، وبعد إنقضاء عِدَّتها، قال رسول الله لزيد بن حارثة: «اذْهَبْ وَاذْكُرْهَا عَلَيَّ»، يقول زيد: فلمَّا قال ذلك عظمت في نفسي، فذهبتُ إليها، وجعلتُ ظهري إلى الباب، وقلتُ: يا زينب، بعث رسول الله يذْكُرُك، فقالت: ما كنتُ لأحدث شيئًا حتى أؤامر ربي، فقامت إلى مسجد لها، فأنزل الله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} [الأحزاب:37]. فجاء رسول الله فدخل عليها بغير إذن.

وكانت زينب رضي الله عنها تفتخر على بقيَّة زوجات النبي، وتقول لهنَّ: زوجكنَّ آباؤكنَّ، وزوَّجني الله من فوق سبع سماوات.

وما أَوْلَمَ رسول الله على امرأةٍ من نسائه أكثر وأفضل ممَّا أولم على زينب، وقد أطعمهم خبزًا ولحمًا حتى تركوه.

بـذل بلا حــدود:

وكانت السيدة زينب بنت جحش مثالا للبذل والإنفاق والعطاء بلا حدود، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسرعكن لحاقا بي، أطولكن يدا»، قالت: فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا، قالت: فكانت أطولنا يدا زينب، لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق، رواه مسلم.

ولما بعث عمر بن الخطاب إليها بالذي لها من عطاء، قالت: غفر الله لعمر! لَغَيْرِي من أخواتي كان أقوى على قَسْم هذا منِّي، قالوا: هذا كله لكِ، قالت: سبحان الله، وإستترت دونه بثوب، وقالت: صبُّوه واطرحوا عليه ثوبًا، فصبُّوه وطرحوا عليه ثوبًا، فقالت لبرزة بنت رافع: أَدْخِلي يدكِ فاقبضي منه قبضة فاذهبي إلى آل فلان، وآل فلان من أيتامها وذوي رحمها، فقسّمته حتى بقيت منه بقيَّة: فقالت لها برزة: غفر الله لكِ! والله لقد كان لنا في هذا حظٌّ، قالت: فلكم ما تحت الثوب. قالت: فرفعنا الثوب فوجدنا خمسة وثمانين درهمًا، ثم رفعت يديها، فقالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا.

ورع وتقــوى:

وفي حادثة الإفك العظيمة خاض الكثير من الناس فيما ليس لهم به علم، تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: وكان رسول الله يسأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال: «يَا زَيْنَبُ، مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ؟» فقالت: يا رسول الله، أحمي سمعي وبصري، ما علمتُ إلاَّ خيرًا، قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله، فعصمها الله بالورع، وطفقت أختها حمنة تحارب لها، فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك، رواه البخاري.

وتقول عائشة رضي الله عنه أيضا: كانت زينب هي التي تسامحيني من أزواج النبي، ولم أرَ امرأة قطُّ خيرًا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشدَّ ابتذالاً لنفسها في العمل الذي يُتصدَّق به، ويُتقرب به إلى الله، ما عدا سورة من حدَّة كانت فيها، تُسرع منها الفيئة.

راويــــة الحديث:

كانت السيدة زينب رضي الله عنها من النساء اللواتي حفظن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ورويت عنها، وقد روت أحد عشر حديثا، وإتفق الإمامان البخاري ومسلم على حديثين منها.

ومن الأحاديث الشريفة التي رويت عنها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول: «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر إقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه»، وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم، إذا كثر الخبث»، رواه البخاري.

وتُوُفِّيَتْ أمّ المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها في خلافة عمر بن الخطاب في عام عشرين من الهجرة، وقيل: في عام واحد وعشرين من الهجرة، وهي إبنة ثلاث وخمسين سنة.

الكاتب: ياسر محمود.

المصدر: موقع رسالة المرأة.